سموم الوسطية


لأن رغباتنا هي آخر ما تأتي بها الأقدار.. 
والرياح لا تهب إلا في إتجاهات معاكسة لكل رغباتنا في الكمال والراحة النفسية،

نغرق..
نغرق في الظلال،

ولأننا نخشى السطوع تحت الأنوار ، ونهاب الموت في الظلام ..
نتخذ الظلال ملجأً،
ملجأً لكل الصراعات ..
لصراعاتنا بين ما نحن عليه وما كنّا عليه،
لصراعاتنا بين مانرغب أن نكونه وما ينتظره المجتمع منّا أن نكونه !
هكذا نحن ، وهكذا تضطرنا الحياة ..
نقف في المنتصف ، هناك عند مفترق الطرق،
حيث تسكن الحيرة، حيث الانتظار الواهن الساكن،
نخاف خوفاً متوسطاً، نفرح فرحاً متوسطاً، نحلم بأحلام منصفّة يتبرأ منها الاكتمال
نخشى الأضواء ومحط الأنظار ولا يستهوينا الجهل وسذاجة الفكر!

نبقى تماماً في المنتصف ..
ننشىء صداقات وسط، مشاعر وسط، خيالات وسط، اقتراحات وسط
لا نصل للعمق ولا نكتفي بملامسة شفافية الأسطح!
نخشى كل شيء ونتبّع الظلال أينما ذهبت.. هكذا حتى المغيب
نخشى الاعتراف بكل ما يشكّل كياننا
 نخشى البوح بمشاعرنا وأفكارنا
نحارب العاطفة بالمنطق، ونخرس المنطق بالعاطفة !
وتخنقنا تلك الظلال وتلك الطرق الوسطية
يخنقنا الموقف الوسط بين القلب والعقل،

نحن هكذا..
نصف حالة من كل حالة ..
ردود أفعال من غير استجابة..
رؤوس مطأطئة  لثوابت المجتمع وضغوطه
وأرواح في صراع دائم مع النفس ورغباتها والمجتمع ورغباته ..

أما ازدواجية مواقفنا فهي الشيء الوحيد الذي تخلو منه الوسطية  فقد تلبسه الاستسلام 


Comments

Popular Posts