مشهد 11


حقاً  كَرهتُك  يا غِياب 
أنت تُصبِح كالجبل بي وأنا أتقزّم وأنْكَمش ..
،،
 كم أَكرَهُك يا ذاك المدْعُو بالـ انتظار 
بالـ انكِسار!


،،

فعلى الرغم من مرور بضعة شهور على رحيل أطيافه

إلا أني ..أجدهُ في كل شيءٍ جميل أكرهه
 إلا أني.. مازت أتخيل جميع المارّين هو


أُحاول طَرده من روحٍ تشبَّعَت بِه مع كل نفسٍ أَزفُره
أنبذه !
فقط أنني تَمنيت لو أنبذه من الغياب نفسه ،
لا من الرّوح !
وللأسف في كلِّ مرّة أفشل !
وأعاود استنشاقه من هواءٍ تبَعثرتُ فيه،
لأُعود وأرقُبه صَباح مَساء ..
وأناملي تؤَدي طقوسها بِلا ملل أو كلل ،،
تعبَثُ بـِ سَتائر كلّ النّوافذ ،
ترقُبُ استِرجاع لحظات لطالما أنْسَتْني أنفاسي لمجرّد مُرور طيْفه ذاكرتي 

...
! لكنّهُ رَحل
وأنا بَقيتُ روح خاوية،

غاب 

وأنا مَن كُتِبَ عَليْها التّواجد 

،،

أفتقد لتِلك التّفاصيل الرَّقيقة العَذبة التي طالما عانَقَت أفْكاري

قَبلَ أن أَعرِف افتقادُه
قبل أن يطول غياب 

.. فبت الآن أفتقد لــ

  ساعات نوم عميقة واستشراقة صباح عنوانُه 

" هو وحده "
..أفتقدُ لِصباح يخْلو من ثقلٍ يخنقني

 !أفتقدُ لـ ابتسامتي في المرآة الآن

لَيتني فقط أتهرّب من الوقوفِ أمامها ،
لـأتهربُ رؤيته في انعكاس نَظراتي
لـأتهربُ جَلْد طيْفي لي، لِكثرة اشتياقي له
بلْ أخشى إِشْفاقي على ما آلت إليْهِ حَالي ،،

..

أتعْلمونَ ما هُو اليوم ؟

اليوم هو يومٌ تنتظرْنهُ الكثير من الفتيات ..
يبتَسِمن فيه ابتساماتٍ مَدفونة ،،
ابتسامات يعجزُ المرءُ عن أنْ لا يلْحَظْها مَهما حاولن إخفاءها ،
إنه اليوم  الذي يتكرّر للمرة العاشرة دون كَلل أو مَلل ،،
وكَأني في دوامة زمَنية أعجزُ عن حَلّها ،
أو حتّى الخروج منها !
..
نعم !
إنه عريسُ الغفْلة العَاشر !
لكن لِنَكن أكثر وُضوحاً ..
إنّه الموعد العاشر مَع الأم العاشرة لأحدِ فرسان الأحلام ،
وها أنا أمام مرآتي ..
!أقفُ لـ أجدها تسألُني عَنه

بِماذا أردُّ عليها ؟


أفتعِلُ السَّهو والانْشغال..

..أغضّ نظري 

..أدّعي أني أرتِّبُ أشيائي فوقَ مِنضدتها
أمسّد هندامي محيطة خاصرتي بيديّ..
ويبقى سُؤالها حديث انعكاسي فيها  
،،
أتعْلمون.. 
 أصبحتُ أتعمّد عدَم انتقاء ملابِسي بحرْص !
أتعمّد عدمَ الظُّهور جَميلة ،
هههـ وها هو سببٌ آخر يجعلني أغضّ النّظر أكثر فأكثر ..

لكن أتعلمون ما هو أشدّ إيلاماً ؟!

!أتنهّدُ وأرفعُ رَأسي فأجده يتأملني بعيْنيه  أن   

! أشهقُ فرحاً 
وليتني ما أحدثتُ ذلك الصّوت 

.. فقد تلاشى 
تلاشَت صورته من أمامي 

!كان حُلماً 
..وبشّهقة فرحٍ اغتيل 
حُلمٌ أراه فيهِ ينْظرني أنا وَحدي ،
يستنشقني ،، يرْصدني !
والأهم أنه لا يفارقُني ،
،،
أتعلمون أيْضاً ..
في كلّ مرة يَزورنا أحد فاتحاً موضوع الزّواج أو التّلميح بوجودِ عريس ..
 أرى أطْيافي تهمُّ بِرفع كفّي لتلويحه وداع
وفي كلّ مَرة 
! تخونني قوَّتي وتهزمني ذِكرياتي مَعه

،،
لي نصف الساعة أنظر منضدتي شاردة الذهن
أتساؤلُ هل بمقدوري الصُّمود أكثر ؟
هل بمقدوري التزام انتظاري ؟

هل  قلبي قادر على تحمل أن ينْفطر للمَرة الثانية.. 
ثم الثالثة..

الرابعة ..
فالخامسة ..
فالسادسة ..!ّ!
إلى أن أتَتْ العاشرة اليَوم !

ليس لحالي الآن وصف أدقُّ من أني ..
، أموتُ ومازلت في الحياة مُتعلِّقة

  ..نعم أموت ولكن متعلقة 

!فكيفَ لي أن أرحل كما رحل هوَ ؟

!كيف لي أن أترُك عيْنين أنسى العالم بأسرِه حينَ تنظُرني ؟

أأرحَلُ مُودِّعة وأتركها خَلفي تنْعاني ؟
أأتبعُ الفعلَ بفعلٍ يشابهُه؟


لا لا ! محاآل!

فها أنا ..
لا أجدُ سِوى الانتظار خَيار ،،
أرفضُ هّذا وذاك ..
دونَ أسْباب مُقنعة !
دون تبريرات تَشفي تساؤلات أمي وأبي ،
حتى صديقاتي بَدأن التَّساؤل عَن كرهي لما يُسمى بِزواج /
،،
لكن لا يعلمون أن كلّ ذلك سببه وعود عَيناك لي !
كلّ ذلك سببه عُهود قَطَعَتْها أرواحنا عند كلّ لقاءٍ  ،،
وعود عجِزت ألسِنتنا عن النّطق بها فأخذت عاتِق  ميثاقها أرواحنا !
بل على الأغلب تمَسكّت بميثاقها روحيَ أنا ..
تنتظرُ قدومك..
وأمي تنتظر تحقيق دعوة اعتادت ترديدها

فلطالما كانّت تُطيلُ النّظر إليّ .. تبتسِمُ ثم تقول :

" ربي ارزق قُرّة عيني بمَن يجعَلْها قُرّة عَينِه "

آه ما أَجمل دَعواتك أُمي ..
لكن لَيتهُ يكون هُو ذلك المقصودُ بِدعواك ..

، ليته يكون هو أُمّاه 

،،

..دعوني أصدُقكم القول 
 لم أعد أعلم هل عليّ الاستسلام أم المقاوَمة أكثر؟

صِراعاتي مَع روحي لا تنتهي..
 ومَازالَت لم تُعلِن الاستسلام،، 
فهَل تُراه استسلَمَ " هو " ؟
...
" رنالدا يا ابنتي أمازلتِ تَجْهَزين ؟ النُسوة ينتظرنك "

أستميحكم عذراً .. عليّ النُّهوض والبَدء في تكتيكات الرّفض المرهِقة 

فالنُكمل حديثنا فيما بَعد ..
وادعوا لي بالنّجاة من مشاريع أعشاشِ الزّوجية هذه 

دمتم بخير 



Comments

Popular Posts