مشهد 9


بَدأت أَسمعُ صَوت الثَّواني
بَدَأتُ أَفقدُ صَبري ، وقوةَ احتِضاري
بَدأتُ أَفقدُ شَهيتي لِكلّ شَيء ..
أستعينُ بالسَّاعات أمام أقْلامي وأوْراقي لأَخُط لا شَيء !
أبدأ أيامي مُبكراً كالعادة ، بشرب تلك القهوة الوهمية شديدة المرارة .كَالعادة
. أتصَفحُ مَشاهدَ أمْسي كَالعادة..
أُعيدُ النَّظرَ فيها .. في تفاصيلِها وتفاصيل مَن شَكَّلوها، كَالعادة ..
ولكنْ هُناك شيء ليْس كَالعادة أّبداً..
أنا وحيدة  عَلى غيْرِ العادة..
فبَعدْ أن غَابَتْ شَمْس الجُمعَة فَقدتُ الأمَل ، في لِقائك ..
وبَدأتُ أُرَدِد بَيْني وبَين أشْلائي..
" القَدر اختارَ لِي أنْ أَكون بَين نَفْسِي أبكِيكْ ..وقَراري أن أخْتار لنَفْسِي مِن بَعدك أن تَكونْ ! "
...
لا أدْري مِن أَين جِئْتُ بـتِلك العِبارة .. لكن روحي أصبحت ترددها باستمرار
أحقاً وصل بي الحال لفقدان أمل لقياك .. أمل أن تجمعنا أيام هذا الزمان ؟!
فلا شَيء يسْتجد ّ! .. وكُل شيءٍ يَأْبى أن يَدقَ حُصون آمالي بتَحقيق أَحد أحْلامي
أوْ حتّى بإعْطائي عَلاماتٍ مُبَشرة بِقُرب مَوعد تحقيقها !!

وها هُو الّليل يُسارِعُ بخِطوات مجيئِه كُل يَوم ..
فَما إنْ أَستَيْقظ .. حتّى أدخل في حالة صِيام شُعوري
حتى تُعلِن أصوات السُكون قدوم الليل .. على عَرشٍ تحفُه المتاهات
مُحاطاً بجنود الإحباط والإكتئاب.. تأتيني دفعة واحدة !
أكونُ حينها كالمريض المكَبّل بأجهزة العتمة ..
جَسد مُتَكوم بِرداء بالي
حيث تزورني همساتُك سارقة عُذرية قَلبي .. محاولةً إِشعال أَصوات الحَنين في داخلي
لينزِفَ فيهِ قَوام كَياني ..!
.. 
لنْ أُخفيكُم ، قَد مَللت طُقوسي الحَزينة ،، مَللتُها حَقاً
وها أنا أُحاوِل جاهدة النَّوم .. مخُمدةً ألسنة تراتيلها ،،
مُسكِتة اسِتحداث خَيالي لـ لِقائنا الأول .. ثم الثاني فالثَّالث ..
أتقلبُ كَمَن أَضاعَ مجَرى تَنفسّه ..كَمن سُلبت مِنهُ نِعمة بَصَره !
 أتقلّبُ كَمن يدعو لَيلَ نهارْ لِذِكرى مُفرحة .. ويَشْهقُ بِكامِل قوة اشتياقهِ ..
ينْتَظرُ نوراً ، فَرِحاً أو حتى بوادِرَ ابتسامة مِن زِمانهِ..
آهٍ مِن عْتمَتي
تِلك العُتمة التّي كانت إحْدى طُرُق مَلاذي , وصَفاء رُوحي  ..
إلهامَ إبداعي ،، مَلجأ عُزلتي ،، مكانَ ابتساماتي وتعالي غِنائي ..
وفوقَ كُلّ هذا .. مَنبعاً لحُريتي  !
أصبحت الآن مكاناً لـ نزيف أَحلامي .. تَجمد أَفْكاري , زِنزانتَي وأسْوارَ حِصاري
...
صِدقاً لا أَسْتطيع أَنْ أَصِفَ لكُم هذا الكَم الهائِل منَ التَّشاؤُم الذي يَسْكُنني ..
وهذا الكُره الجُنوني .. لـِ الليل
لـ البُعد عَنه  !
كُرهٌ لِشعوري بِرجوعي كـطفلة أضاعَت دُميتها  !
تبحث عنها مراراً وتكراراً .. موقنةً أنها في المسار الصحيح ،
مُتجاهلةً  كُل همسة إيجابية تُثنيها عمّا هي فيه من بحث ..
وتظلُ تائهةً في ظُلمات تحت ظلمات .. بلا شعور يَصدُق , ولا إِحساس يَشفي , ولا كَيان يَكْفي  !
حتى تجد تلك الدمية.. تلك الأمنية !
طِفلة تبحث في عتمة .. في مكان لا تبصر فيه إلا بقلب بريء ..
 نعم !
أصْبحتُ بفضلكِ عُتْمَتي ..
مَسلوبة الهَوية ، ناضِجةً للِسقوط في عُتمة الأرْض ..
مُرحّبةً بذلك السُّكون ،، مكسورة جناح الإرادة !
أمْ عسايَ أنْ أقول .. بفَضلِكَ أنتَ قاتِل آمالي
فإلى الآن أنتَ لا تحرِكُ ساكناً
تمرُ الأيام بكلِّ ما فيها .. وأنتَ لا تمُر
ولربما لنْ تمُر ،، فوعود أرواحِنا  تَتَحلّل مَدفونةً تحت التراب

أين أنتَ عن تِلك الوُعود بكونِك حَارِس أيامي ،، ومَنْبَع أحْلامي
أينَ ابتساماتِك تِلكَ الّتي أشْرقت بِها ابتساماتي ؟!
مرَ الكثير عَلى آخِر لِقاءِ جَمعنا ..
ولمْ تُحاول اسْتحداثُه !
يَوماً عن يوم تُشعرني بِأني كُنت داخل اللامَعقولية .. مُنتظِرةً حُدوثِ شيءٍ مَعقول !
يا الله .. سَاعدني ،، أَخمد حيرتي
أَنهي تِلك اللَّحظات المتْخَمة بالذِّكريات .. أَعْتقني مِن تِلك الحَسرات
تِلك الَّتي أعيشُها لحَظة بَعد أٌخرى .. في تِكرارٍ مُنهك لِلروح ، لحَظاتٍ يَملؤُها صُراخي الصامتْ  !
مُتمتِمة .. مُتمتِمة !
" القَدر أختار لِي أنْ أكون بين نَفْسِي أبكِيكْ  ..وقَراري أن أخْتار لنَفْسِي مِن بَعدك أن تَكونْ ! "
لكِن هَلْ بِمقدوري ذَلك ..

..

Comments

  1. مبدعة غاليتي .. ما شاء الله
    أثر بي المشهد .. ما أقسى الرجال وما أغبى النساء في الحب
    استمري متشوقة للمزيد :)

    ArwA

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular Posts