مشهد 7



قد تمر بنا لحظات لا دخل لنا فيها، أمور يصعب علينا فهمها

تسبب لنا نوع من الإحباط المفاجئ ..
تجعلنا نتذمر من الحظ وإحداثياته
تسكننا في مكعب كونته أفكارنا .. شكلته تنبؤات تطلعاتنا ..
لكن إلى أين تأخذنا.. ؟!
لا أدري حقاً.. لكن على الأغلب ، تأخذنا إلى حيث لا تبتغي أفئدتنا
..
كعادتي أبدأ سرد تفاصيل ما حدث بفلسفة تعطيني بعضا من الراحة النفسية حيال ما يدور بخاطري ..
نعم فلسفة أخرى متعلقة به. .. أو يجدر بي القول " بما يسببه طيف خياله بي ؟ "
لكن لن أطيل عليكم..
كان يوماً مشمساً .. تتخلله نسمات عليلة تداعب ستائر جميع نوافذ منزلنا
وكعادتها أمي ما إن تشعر بها تبدأ بمحاضرتنا عن مدى أهمية تهوية المنزل بتلك النسمات
وكيف أن أشعه الشمس الخارقة ، قادرة على محاربة الشر الذي تأتينا به البكتيريا والميكروبات
وبينما هي على مقربه من الانتهاء من تلك العظة التي تشعرني وكأن خلفية موسيقية تصاحبها..!
لمعت عينا أمي وقالت.. وجدتها ! ..
صرخت شقيقتي سحر بسخريتها المعتادة .." أين ؟ أين ؟!! "
أكملت أمي دون الاكتراث لتعليقها بـ " دعونا نخرج للتنزه في الحديقة العامة ."
لم أعارض الفكرة ولم يكن لسحر أي خيار بالمناقشة في ذلك ..
بدأنا بتحضير أنفسنا بينما أمي أخذت بتجهيز المشروبات في حقيبة ..
ومع بزوغ الشمس وسط السماء كنا قد شارفنا على الوصول هناك..
جلسنا تحت شجرة مستظلين بها ..
نظرت إلى الشجر من حولي وإذ بي ألمح شاباً مرافقاً لفتاة يتحادثان في أمرٍ ما .. يبدُ بالأمر المهم
أطلت النظر لهما وكأني أتمنى لو أني أستطيع محادثة محمد بتلك الطريقة في أمور ما في يومٍ ما ..
ولبرهة تخيل إليّ أن ذلك الشاب لديه الكثير من الشبه بــ "محمد "..
لكن مع اقترابهما من مكان جلوسنا تبين لي أنه ..
أنه.. " محمد ؟! "
توقف عقلي عن التفكير للحظة ..
والدموع في عيني تنتظر مني تذكرة عبور ..
عبور إلى ساحة خالية من أي ذرة هواء..
مكان تنقصه الجاذبية .. حيث يتصادم فيه جميع ما بداخلي
لتتشكل صدمة.. أو شيئاً غير مبرر ..
وكأني كنت بين النجوم ،، وبلحظة هبطت إلى الأرض ..
ما زلت أنظر إليهما وهما منشغلان بحديث لا أرى له نهاية ..
ثم بدأت بالنظر إلى محمد متجاهلة وجود تلك الفتاة بجانبه..
أتفحص نظراته لها..
أهي نظرات اهتمام.. ؟ أاهتمامٌ بها .؟؟ أم بحديثهما ؟
أهي نظرات ليس علي القلق بشأنها .. أم نظرات تجعلني أهيم بخيالات شكوكي
قطع عراك أفكاري .. صوت أمي
" رنالدا يا ابنتي أهناك شيء ما يشغل بالك ؟ "
أغلقت تكرار الكلمات في ذهني .. وأجبتها بـ " لا لا شيء "
ضحكت لعلي أدعم جوابي
لكنها لم تكن سوى ضحكة ألقيتها للقدر ..
عدت أحادث سريرتي ..
" لكنه قالها .. قال أحبك .. لم تقلها نظراته فقط بل نطق بها لسانه .."
ذلك اليوم .. عندما التقينا في المطار، بينما كنت أودع آية ، إذ بي أودعه قبل سفره إلى بيروت ..."
أتذكرون ذلك...؟
أكانت لحظة مثل تلك اللحظات التي تغمرنا بنشوة كلمات زائفة .. ؟!
عندما تكون لدينا رغبة في التواجد قرب شخص معين .. بقية العمر..
لكن سرعان ما تختفي تلك الرغبة ..باختلاف أمور لم نحسب لها أمراً
وأنا تلك الواهمة التي كان يشع النور في عيناي لرؤيته..
وتلك التي تُبعَث الطفولة في ابتسامتها عند ابتسامه ..
لا أدري ..
ربما أكون قد استرسلت بالتفكير بما هو ليس بأكثر من افتراضات
لففت لأراهما مرة أخرى .. كانت قد مدت يدها لتصافحه قبل رحيلهما كلٍ في طريقه
لعلي مخطأة .. لعلي مخطأة ..
أصبحت أردد ذلك.. أطمئن ما بي من حيرة
أيعقل أن نكون هكذا ..؟
أشخاص بلا رغبات أبدية..
شيئاً يسمى " إنسان " تسكنه عاطفة عابرة ..
أتمنى لو أنها مجرد صدفة جمعت صديقين ..
لا ..
لنقل قريبين ..
لم يهدأ لي بال طوال طريق عودتنا إلى المنزل..
وأنا إلى الآن أبحث له عن مبررات ..
ليتني أكون قد أخطأت الفهم

..~

Popular Posts