مشهد 3


قابلته بعد انحسار شعوري دام سنه بأشهرها... بأيامها ولياليها
بدأت كلماتي تتعثر : ك كيـ.. كيف حالك ؟
أجابني بابتسامة أكاد أراها وهي تتوارى خلف كلماته: بخير..لكني أنا من يسأل عن حالك..
تجاهلت كلماته واعدت سرد سؤالي ودقات قلبي تتسارع لسماع إجابته: أأنت بخير محمد ؟؟
قابلت خجلي نظراته المتسائلة " لوهلة ظننت انكِ لن تنطقي به ".....
سارع لساني قبل عقلي بالاستفسار عن ذلك الشيء .. ما هو؟!!
أجابني بــ "اسمي.."
" عيناه تنظرانني تماما كما كانت تفعل بالأمس البعيد"... لكن إجابة دقات قلبي اختلفت
هي الآن أشبه بدقات تهرب مبتعدة من مجهول كشف ستائر مخبئها..
أشبه بغيم يبتعد إلى ارض جوفاء ليصب ما به من نزيف فراق واشتياق ..
بخير.. أجابني بروح أنهكها التعب ..
أي تعب هذا ؟.. أي تعب هذا الذي أطفئ شمعة ابتسامة لم تكن تغادر ثغرك ؟؟
لا تسيئوا الفهم .. انه فكري كعادته يتعبني بتساؤلاته
"اشتقت لك"
قلناها معاً .. بيد أن لسانه نطق بها وروحي رددتها بلهفة " وأنا أيضاً.. وأنا أيضاً "
أرادت أن تخبره بالكثير .. عن مدى اشتياقي له ...
عن مدى احتياجي لضحكاته دواءً لحزن روحي..
عن مدى اشتياقي لروحه التي كانت هي روحي..
قطعت لحظات الصمت كلماته: " كنت أخالك نسيتِ.. نسيتِ وعد أرواحنا بالالتقاء .. "
أتبعها بـ.." لازلت أحبك .." قالها فجأة .. نزلت كلماته كإعصار يرعد في كافة أنحاء قلبي
" لم أحبب غيرك .." فعلها ثانية ... بريق عينيه يأسرني مع استمرار رعد أعاصير عباراته
لا أعلم بماذا عليَّ أن أجيب .... أأقول أحبك ...؟؟ أأقول أن قلبي لم يحبب غيرك
أأعترف بأني لم أجهد نفسي بالبحث عن غيره ... لم أجهد قلبي بنسيانه!!
قطع صراع ذاتي مع نفسي طنين ثم علا صوت موظفة الطيران..
" على ركاب الرحلة رقم خمسة عشر المتجهة إلى بيروت الصعود إلى الطائرة " ..
نظر إلى ساعته وابتسم تلك الابتسامة المنطفئة أنوارها ...
حان موعد رحلتي..
" لا تذهب ... لا تذهب .." بدأت روحي تخاطبه كما كانت تفعل دائما !!
بدأت روحي تخاطب روحه .. تترجى عدم رحيله ... تطلب وعداً ... وعداً بعدمـ ..
" لن أطيل غيابي.." أجاب روحي دون أي تردد.
كان هذا لقائنا بعد فراق طال لسنه.. في المطار حيث كنت أودع صديقتي
"آيه".. أنسيتموها؟!
لا عليكم .. سوف أنعش ذاكرتكم...
تلك الصديقة التي أنساني بريق عينيه طريق منزلها..
تلك الصديقة التي كانت سبب لقائنا الأول..
أظن أنكم عرفتموها..
أعود الآن بكم الى تلك اللحظة التي همت بها روحي صراخا لرحيله..
فقد كان لقائنا اليوم غير متوقع... أو لربما مقدّر !
كنت أهم بالرحيل فقد ودعت آيه منذ أكثر من ربع الساعة لكن شيئا ما جعلني أنتظر ..
ربما أردت التأكد من أن طائرتها قد أقلعت ... أو لربما أحس قلبي بوجوده
لا بل هو نداء روحه..
روحه التي أقسمت على اللقاء مرة أخرى..
لقاء روحين تعاهدتا على اللقاء باسم الحب ومن أجل الحب..
أغمضت عيناي ببطء .. وواسيت روحه .." بأن سنلتقي.."
.....

Popular Posts